مدربون أنتم أم مدرسون أم معلمون أم أساتذة أم بائعون؟ ماذا تعلِّمون أم ماذا تبيعون؟ علماً أم طاقة أم حبراً على ورق وكلاماً في الهواء الطلق يتطاير كالدخان في سماء ملبدة بغيوم الجهل؟ كم مأثورة تحفظون؟ وكم حكمة ترددون؟ وكم موعظة تلفظها ألسنتكم؟ مائة؟ مائتين؟ ألفاً؟ ألفين؟ أم أكثر من ذلك؟ كم حركة تؤديها أجسادكم؟ عشرة؟ عشرين؟ أربعين؟ مائة؟ هل تتقن عقولكم وجوارحكم شيئاً غير الحفظ والتلقين؟ موهوبون أنتم أم مدَّعون؟ أين يكمن إيمانكم؟ في قلوبكم أم ألسنتكم أم جوارحكم؟
كم كتاباً قرأتم؟ وكم اختباراً اجتزتم؟ وكم عاماً مر عليكم وأنتم تدرسون ذلك العلم؟ وعلى يد من تتلمذتم قبل أن تقوموا بتدريس تلك المناهج؟ هل قضيتكم هي الذات وتطويرها وإكسابها مهارات جديدة لم تكن تعلمها؟ أم أن قدرتكم لا ترتقي إلا للتحفيز والحث على تخطي الصعاب والتكيف مع أصعب الأمور والظروف بالحكي والقصص وترديد الكلمات وتوزيع النظرات وتحريك الذراع والوجه والعضلات؟
أسألكم كم عمر التحفيز الذي تُشيدونه في نفوس طلابكم؟ يوم؟ اثنان؟ ثلاثة؟ أم أنه يستمر أطول من ذلك؟ وإذا استمر فهل يستمر إلى الأبد، أم أنه يسقط بمجرد اصطدامه بصخور المجتمع الصلبة؟ هل تعلمون أن ذلك التحفيز كاللهب تؤججونه في نفوس طلابكم حتى إذا فارقوكم وانغمسوا في الحياة انخمد وانطفأ؟
في قاموس قناعتكم، كل الأخطاء والخطايا والمصاعب التي يتعرض لها البشر من خارجهم يمكن التحايل عليها بالمثابرة والصبر والجلد والتكيف مع أسوأ الأمور والتحايل على رذائل المجتمع والبشر الذين يجاوروننا، لكن ماذا عن التمرد ومواجهة الظلم ورفض الفوضى وقولة "لا"، أليست حلاً متاحاً في قاموسكم اللغوي؟ أم يجب على الإنسان أن يواجه الظلم الذي يتعرض له بمزيد من الكبت؟! هل ذلك مباح في مناهجكم أم أن كتالوجكم ناقص، أو ربما مشوه، أو ربما عبثت به أيادٍ خفية فأصبحت صفحاته مرقعة كملابس الفقراء؟
لماذا نجد معظم أمثلتكم وقصصكم وعبركم عن العالم الغربي وجيرانه، أو في بعض الحالات النادرة عن أجدادنا المسلمين أو الفراعنة؟ هل لأن مجتمعاتهم كانت سوية أم ليس للمجتمعات شأن في إنجاز الفرد في رأيكم؟ أين النماذج التي خلقها مجتمعنا العربي المعاصر، أهي موجودة في مناهجكم، وإن كانت موجودة فبكثرة أم لا؟ وإن لم تكن بكثرة أيرجع ذلك لفشلكم أم لأن مجتمعنا مريض، وهل يجب على الفرد في مجتمعنا أن يرتطم رأسه بحجر أصم ونقول إنه من قبيل النضال؟ هل مناهجكم أتت من داخل مجتمعكم، أم أنها مستوردة من مناهج الغرب؟ وإن كانت كلها من مناهج الغرب فهل تصلح لنا أم فقط أنتجت من مجتمع سوي إلى مجتمع سوي مماثل؟ لماذا لا تنتجون مناهج تتناسب مع واقع مجتمعنا المريض لتعلمنا متى نثور على أنفسنا ومتى نثور على مجتمعاتنا، أم ما زلتم منشغلين بالحفظ والتلقين؟
ماذا عن ذلك الرجل، أو أولئك الرجال الذين كانوا فقراء معدمين ثم أصبحوا أغنياء أثرياء؟ وماذا عن الجهلاء الذين أصبحوا علماء، والفاشلين الذين أصبحوا أنجح الناجحين، أخبروني على يد مَن مِن مدربي التنمية البشرية تتلمذوا حتى نسير على دربهم؟ تجار ذوات أنتم؟ أم تجار أمل؟ أم تجار يأس؟ أم أن الأمل الذي يعلو في صدر كل ذات تستمع إليكم سرعان ما يصطدم بالواقع القبيح فينهار ويتحول إلى يأس عضال؟
هل بالأرقام فقط تتقدم الشعوب ويتغير حال الإنسان؟ إن كان جوابكم نعم إذن فلتعيدوا على مسامعنا ما ترددونه دائماً وما تنشرونه، عن كيفية الإقلاع عن العادات السيئة في 7 أيام، والعادات الـ7 لذوي الفاعلية العالية والسريعة، والوصايا الـ10 لحياة سعيدة، وأفضل 10 كتب ستغير حياتك للأبد، و21 قانوناً لا تقبل الجدل في القيادة، أعيدوا تلك الأرقام ومحتوياتها عدة مرات بل أكثر، رددوها آلاف المرات وقابلوني بعدها على مقابر العلماء والمجاهدين والمناضلين لنخبرهم بأنبائنا السعيدة عن تقدم شعوبنا وتغير حال مواطنينا.
سؤال أخير لك أيها المدرب العالمي للتنمية البشرية وصاحب الرقم القياسي في اختراق ضاحية الأمل وتلميذ المدرب الكوني العالمي صاحب ألفية الانبهار ومتلازمة التفوق الخارق؛ أخبرني من أين أتيت بتلك الألقاب العالمية الخارقة للعادة، دُلَّني على تلك الجهات المانحة لعلِّي أصل يوماً إلى العالمية التي وصلت إليها بذكاء جسدك ومرونة لسانك.
في نهاية رسالتي إليكم أود إعلامكم وطمأنتكم على مستقبلكم فإن دوركم بدأ بالتوازي مع غياب دور الأسرة والكتاب في مجتمعاتنا، وأظن أنه سيظل طويلاً يرافقنا في يقظتنا قبل منامنا، فلتدعوا إذن للتفكك الأسري وضياع القدوة من حياتنا، فهو سبب وجودكم وبقائكم، فهنيئاً لكم بتجارتكم الرابحة، أما نحن فلنا اليأس ينهش في ضلوعنا.
بقلم: أحمد رشاد
0 النعليقات:
إرسال تعليق
نرجوا التفعال مع المواضيع ولو بكلمة واحدة شكرا فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ..و والله ليس حبا فى الشكر ولكن من اجل ان ينتفع عدد اكبر من الناس من المواضيع وذالك بجعلها فى مقدمة نتائج البحث شاركنا الاجر والثوواب