بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التنظيم الإداري أمر اً هام اً وضروري اً لتسيير وأداء الوظيفة الإدارية في الدولة الحديثة وذلك بسبب اتساع حجمها وتزايد نشاطها وتعدد أعمالها، فالسلطة الإدارية تسعى دائم اً إلى تحقيق السياسة العامة في الدولة بأفضل السبل وأنجعها، من أجل إشباع الحاجات العامة للأفراد.
وتماشياً مع تطور الأوضاع والظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.فإنه يستلزم ضرورة توزيع الاختصاصات الإدارية بناء على نصوص قانونية تحدد كيفية ممارسة هذه الصلاحيات والمسؤوليات، بالإضافة إلى منح بعض منها إلى الم رؤوسين، سواء داخل الهيئة الإدارية، أو على مسؤولي الهيئات أو الوحدات الإدارية التابعة لها داخل إقليم الدولة أي المصالح الخارجية وهو ما يسمى بعدم التركيز الإداري، ومن بين صوره أسلوب التفويض الإداري الذي يقتضي نقل سلطة البث في بعض
الأمور الإدارية من الرؤساء الإداريين إلى مرؤوسيهم.
يعد هذا الأسلوب من بين أساليب ممارسة الوظيفة الإدارية في الدول الحديثة، نتيجة تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، غير أن ذلك لا يعني حداثة هذا الأسلوب بل كان يُعرف منذ القدم فهو لم يظهر طفرة واحدة بل هو حصيلة تطور اجتماعي نتيجة تعاقب عدة مراحل تاريخية، ولقد كان يعرف في بداية الأمر عند ال ر ومان، حيث كان يتم استعماله في التعبير عن العلاقة التعاقدية في إطار القانون الخاص، فكانت كلمة تفويض تعني تكليف شخص لشخص آخر للقيام . بمهمة معينة أو بتصرف قانوني محدد، كالعقد، أو القيام بنقل التزامات شخصية من فرد لآخر وانتقلت بعدها فكرة التفويض إلى القانون المدني الفرنسي القديم، حيث كانت تتضمن نفس المعنى الذي جاء به القانون الروماني في استعمال العلاقة الرابطة بين الأفراد كالعقود المسماة وقد تناول بعض فقهاء القانون الخاص في فرنسا فكرة التفويض في اية القرن الماضي، والتي كان لها مفهوم واسع . والمتضمن معنى الوكالة، أي تكليف شخص نيابة عن شخص آخر بتصرف قانوني
إن فكرة التفويض لم تقتصر فقط على العلاقات الخاصة فيما بين الأفراد، بل كانت تُعرف
كذلك في علاقة الحاكم بالأفراد في أوائل العهد المسيحي خلال العصور الوسطى، حيث اتجه رجال الكنيسة في أوربا إلى القول بأن الإمبراطور يستمد سلطته من الله، ويقول القديس بولس " إن عمل كل شخص يخضع للسلطة العليا، لأن كل سلطة مصدرها الله، ومن ثمّ فإن السلطات تستمد وجودها من تفويض إلهي ". فالسلطة التي يمارسها الإمبراطور هي مفوضة من الله، وكانت تسمى بنظرية التفويض الإلهي أو نظرية الحق الإلهي غير المباشر.
ولقد عرفت الدولة الإسلامية في مختلف مراحلها فكرة التفويض بداية من زمن الرسول صلى الله عليه وسلم إلى غاية العهد العباسي، حيث كان يتولى رئاسة هذه الدولة الوليدة وكان يقوم بتفويض تابعيه ومبعوثيه في نشر الدعوة إلى الله، ويكلفهم بتولي أمور المسلمين في مختلف أنحاء الدولة الإسلامية.
وفي عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهدت الدولة الإسلامية تنظيم اً محكم اً لم يعرف له مثيل من قبل، وذلك بإنشاء ما يعرف بالدواوين، مثل ديوان العطاء، ودي وان الجند،وديوان المظالم، بالإضافة إلى تقسيم الدولة إلى ولايات، وعلى رأس كل ولاية والي، حيث كان يقوم الخليفة بتفويض سلطته إلى الولاة في تسيير الشؤون العامة، وفقا لأحكام الق رآن والسنة النبوية الشريفة، وكان يعمل أيضاً على متابعة ومراقبة أعمالهم المفوضة إليهم، وكذلك الشأن بالنسبة لرؤساء الدواوين،
فالصلاحيات التي يمارسوا هي مفوضة من طرف الخليفة، لأنه هو الذي يملك السلطة الكاملة في تسيير شؤون الدولة الإسلامية، واستمر الوضع في عهد كل من الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه.
أما في العهد الأموي توسعت إدارة الدولة الإسلامية من حيث عدد الدواوين المتمثلة في ديوان الجند، العطاء والرسائل والبريد والخاتم، حيث كان الخليفة يفوض سلطة إلى رؤساء الدواوين كلا حسب مهامه واختصاصه، فالتفويض خلال هذه المراحل كان يقصد به تكليف شخص بمهمة محددة. ولقد تجلى أسلوب التفويض بشكل واضح في العهد العباسي، الذي تم من خلاله إنشاء ديوان المظالم حيث كان ينظر في الشكاوي المرفوعة ضد الولاة وتظلمات الموظفين. بالإضافة إلى إحداث وزارة التفويض، حيث كان يتولى الوزير المفوض جميع الاختصاصات والصلاحيات التي يتمتع الخليفة باستثناء ولاية العهد واستغناء الأمة وعزل الحكام والولاة.ولقد اشتهرت هذه الوزارة في عهد . هارون الرشيد، حيث كانت تمارس وزارة التفويض من طرف أسرة البرامكة إن التفويض في التنظيم الإداري الإسلامي كان يقوم على أسس قانونية من حيث تحديد الاختصاصات وتحت رقابة الخليفة، إلا أنه كان يشكل نطاقا واسعا، ولم يقتصر على الشؤون أو الأمور الإدارية فقط، بل اشتمل على الشؤون الحربية والمالية والقضائية والدينية وكان العمل بتفويض مختلف هذه السلطات وهذا للتخفيف من الأعباء الملقاة على عاتق الخليفة. إن ظهور نظام التفويض في الدولة الإسلامية يعتبر أول بذرة للنظام البرلماني من حيث العلاقة بين رئيس الدولة والحكومة . ويقصد بوزارة التفويض أن يستوزر الإمام من يفوض إليه تدابير الأمور برأيه وإمضائها على اجتهاده.ويعلل الفقهاء جواز وزارة التفويض بمقياس الخلافة على النبوة، حيث دعا موسى عليه السلام ربه جل شأنه، أن يجعل أخاه هارون وزير اً له يشدد به أزره ويشركه في أمره.
وبعد قيام الثورة الفرنسية والتطور الذي طرأ على اتمع الفرنسي كان له أث را كبير في ظهور القانون الإداري، وعند بداية القرن التاسع انتقل أسلوب التفويض إلى اال الإداري ، حيث اتضح مفهومه والأسس التي يقوم عليها متميزا عن غيره من الأساليب المشاة له،كالوكالة في القانون الخاص والنيابة والحلول في القانون العام.
النظام القانونى للتفويض الاداري فى الجزائر
اعداد الطالب :خليفى محمد
0 النعليقات:
إرسال تعليق
نرجوا التفعال مع المواضيع ولو بكلمة واحدة شكرا فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ..و والله ليس حبا فى الشكر ولكن من اجل ان ينتفع عدد اكبر من الناس من المواضيع وذالك بجعلها فى مقدمة نتائج البحث شاركنا الاجر والثوواب