الدرس الثالث:طرق ادارة المرفق العام:
تعددت طرق وكيفيات ادارة المرفق العام بما ينسجم مع الظروف الميطة بمجال تدخل الإدارة خاصة بعد تعدد مظاهر تدخل الدولة في مختلف المجالات والميادين .وعليه فانه يمكن تسيير المرفق العام ب:
أولا:طرق عامة:(الاستغلال المباشر،المؤسسة العامة)
ثانيا:طريق خاصة(الامتياز)
ثالثا:طريقة مختلفة(الاستغلال المختلط)
اولا:الطرق العامة:
تتمثل في تكفل السلطة أو الإدارة العامة بنفسها بالقيام بتلك المهمة, وتاخد شكلين هما:
1-الاستغلال المباشر:
ا*تعريفه: يقصد به لجوء الإدارة العامة إلى إدارة مرافقها ومصالحها العامة بأموالها وموظفيها دون أن تنفصل مرافقها العامة أو تستقل عنها قانونيا حيث لاتكتسب الشخصية المعنوية. مثال :تولي البلدية إدارة مرفق النقل مباشرة بموظفيها وأموالها
ب-النتائج القانونية المترتبة عن التسيير بهدا الاسلوب:
*ب-1 من حيث الموظفين:
تكون علاقة العمل قائمة أصلا بين الإدارة المنشئة للمرفق وبين الموظف العامل به وعليه تبقى علاقة العمل قائمة في حالة إلغاء المرفق.
ب-2 من حيث الأموال :
الأموال المخصصة لإدارة المرفق العام في شكل استغلال مباشر هي ملك للإدارة العامة المنشئة للمرفق اد لايتمتع بذمة مالية مستقلة كما تؤكده قوانين الإدارة المحلية ومع دلك يمكن أن تقتضي مقتضيات التسيير وفعاليته منح المرفق العام ميزانية مستقلة لكن مع ضرورة ضمان التوازن المالي لهده المرافق.
ب-3 من حيث الأعمال:
جميع تصرفات المرفق المسير بهذه الطريقة تبرم من الناحية القانونية من طرف السلطة
المختصة بإنشاء المرفق العام.
ب-4 من حيث المنازعات:
نظرا لعدم اكتساب المرفق العام المدار بهدا الاسلوب للشخصية المعنوية فانه لايتمتع بأهلية التقاضي حيث يمثل أمام القضاء لدى الطعن في أعماله وتصرفاته أمام الجهة القضائية المختصة بواسطة الممثل القانوني للجهة الإدارية المنشئة للمرفق.
ثانيا:التسيير عن طريق المؤسسة العامة:
1-تعريف:
يقصد به لجوء الإدارة العامة لتسيير المرافق العامة عن طريق المؤسسات العامة و التي تعد مرافق عامة مشخصة قانونيا .وعليه و خلافا لطريقة الاستغلال المباشر فان طريقة المؤسسة العامة تقتضي منح المرفق العام الاستقلال القانوني و ذلك بإضفاء الشخصية المعنوية عليه.
تهدف طريقة المؤسسة العامة غالى حسن إدارة المرافق العامة ذات الأهمية و تخفيف عبء تسييرها و متابعتها عن الجهة الإدارية تنشئها بموجب تمتعها بكل من الأشكال من الاستقلالين الإداري و المالي .
2-إنشاء و إلغاء المؤسسات العامة:
ا-إنشاء و إلغاء المؤسسات العامة الوطنية:
يكون من اختصاص التنظيم (السلطة المركزية) ما عدا مجال فئات المؤسسات الذي يعود لاختصاص القانون (السلطة التشريعية)
ب-إنشاء وإلغاء المؤسسات العامة المحلية:
يكون من اختصاص كل من الولاية و البلدية ويستلزم ذلك :مداولة من طرق المجلس الشعبي ( البلدي أو الولائي حسب الحال)
انواع المؤسسات العامة:
باعتماد التقسيم الثنائي تقسم المؤسسات العامة إلى :مؤسسات عامة إدارية و أخرى اقتصادية(صناعية،تجارية)
إذن كيف نميز بين هذين النوعين من المؤسسات؟
ظهرت عدة معايير للتمييز بين المؤسسة العامة الدارية و المؤسسة لعامة الاقتصادية منها:
*المعيار الموضوعي :
تكون المؤسسة العامة إدارية اذا كان موضوع نشاطها يتصل بمجال إداري بمعناه الواسع.
أما المؤسسة العامة الصناعية التجارية فهي التي تمارس نشاطا تجاريا : انتاج مواد او تقديم خدمات.
*المعيار الغائي:الهدف:
لا تسعى المؤسسة العامة الإدارية إلى تحقيق ربح مالي إذ يتجه نشاطها إلى سد احتياجات الجمهور مجانا (مؤسسة النظافة البلدية مثلا) في حين تحدث المؤسسات العامة الصناعية التجارية للقيام بهمة اقتصادية تقتضي مراعاة الجانب المالي حيث يجب على الأقل أن تحافظ على توازنها المالي.
3-النتائج المترتبة على التمييز بين المؤسسات العامة الإدارية و المؤسسات العامة الاقتصادية ( الصناعية ،التجارية):
-تخضع المؤسسات الإدارية مبدئيا لقواعد القانون الإداري سواء من حيث :
العاملون بها:هم موظفون عموميون يخضعون لقانون الوظيف العمومي باستثناء المتعاقدين .
ا-تصرفاتها:تخضع للنظام القانوني للقرارات الإدارية و كذا العقوبات الإدارية.
أموالها:تعتبر من الأموال العامة التي تحظى بحماية مدنية و جنائية متميزة.
ب-منازعاتها:القاعدة العامة أن منازعات المؤسسات الإدارية هي من اختصاص القضاء الإداري.
بينما : تخضع المؤسسات العامة الصناعية التجارية مبدئيا لقواعد القانون الخاص (التجاري) سواء من حيث :
العاملون بها :هم عمال يخضعون لقانون العمل باستثناء إطاراتها المسيرة حسب قانونها الأساسي .
ج-تصرفاتها:تخضع من حيث الوصاية لقواعد القانون الإداري أما في علاقاتها مع الغير (موردين(منتفعين) فتخضع للقانون التجاري.
د-أموالها: ليست بأموال عامة بالمعنى الضيق إذ أنها لا تحظى بحماية مدنية و جنائية متميزة شانها شان الأموال الخاصة.
منازعاتها:عادية و ليست إدارية وهي من اختصاص القضاء العادي .
ثانيا الطريقة الخاصة:امتياز المرافق العامة:
1-التعريف:
يقصد بامتياز المرافق العامة لجوء الإدارة العامة إلى إسناد ومنح عملية إدارة مرافقها العامة إلى شخص أخر عادة مايكون من أشخاص القانون الخاص ،يسمى الملتزم ،حيث يتولى دلك على نفقته وبأمواله وعماله ،نظير مايتقضاه من رسوم من المنتفعين .
2-:أثار الامتياز :
تمتد أثار امتياز المرافق العامة إلى كل من الإدارة مانحة الامتياز،الملتزم،المنتفعين بخدمات المرفق العام وفق مايلي:
ا-الإدارة مانحة الامتياز:
تتمتع الإدارة مانحة الامتياز بجملة من السلطات والامتيازات تستعملها لضمان حسن تنفيذ الامتياز وتتلخص في مايلي:
*- سلطة الإشراف والمتابعة:للإدارة الحق في مراقبة الملتزم من حيث مدى التزامه ببنود الاتفاق ودفتر الشروط.
*-سلطة التعديل:ادا طرأت مستجدات بعد إبرام عقد الامتياز يحق للإدارة أن تعدل من قواعد الالتزام ولو بإرادتها المنفردة ،مراعاة للمصلحة العامة التي وجد المرفق لتحقيقها ،مع حق الملتزم في التعويض عن التزاماته الإضافية أو الأضرار التي تلحق به .
*- سلطة توقيع الجزاء:للإدارة الحق في توقيع الجزاءات على الملتزم ادا اخل بالتزاماته التعاقدية وتكون هده الجزاءات إما:
جزاءات مالية:وتكون هده الجزاءات في شكل غرامات وتعويضات مالية تسلطها الإدارة على الملتزم ادا ما اخل بتنفيذ التزاماته أو قصر في تنفيذها
*-الفسخ الجزائي: يمكن للإدارة مانحة الامتياز إن تلجا لهدا الجزاء ادا لم ينفد الملتزم التزاماته حيث توجه له اعدارا ليفي بالتزاماته في اجل محدد وادا لم يتدارك الملتزم تقصيره في هدا الأجل يمكن للإدارة فسخ العقد.
*-:حق استرداد المرفق العام قبل نهاية المدة: قد تفرض مقتضيات المصلحة العامة على الإدارة استرداد المرفق العام قبل انتهاء مدة الامتياز شريطة أن تعوض الملتزم كل الأضرار التي لحقت به وليس للملتزم التمسك بالحق المكتسب أو القوة الملزمة للعقد.
ب- الملتزم:
مقابل الالتزامات الواقعة على عاتق الملتزم من حيث تنفيذ بنود الصفقة شخصيا وبصورة منتظمة ومرضية فانه يتمتع بالمقابل بحقوق مالية تتمثل في:
*-اقتضاء المقابل المالي:
ياخد المقابل المالي شكل رسوم يتقاضاها الملتزم من المنتفعين بخدمات المرفق العام أو الثمن الذي تقدمه الإدارة مانحة الامتياز ويجب الإشارة لمبلغه أو شروط تسديده أو مراجعته.
*-التعويض
يحق للملتزم الحصول على التعويض عن الأضرار التي لحقت به جراء تصرفات الإدارة استنادا للمسؤولية العقدية في حالة إخلال الإدارة وعدم وفائها بالتزاماتها العقدية أو استنادا للمسؤولية التقصيرية ودلك في حالة ارتكاب أخطاء من طرف الإدارة المتعاقدة.
*- الحفاظ على التوازن المالي للالتزام:
قد تطرأ أحداثا أثناء تنفيذ الامتياز بصورة تكون معها مواصلة إدارة المرفق مرهقة بالنسبة للملتزم لدلك يتوجب على الإدارة إعادة التوازن المالي للعقد ضمانا لسير المرفق العام بانتظام واطراد من طرف الملتزم من جهة ومن جهة أخرى تدخل الإدارة لمنع أي اختلال في التوازن المالي للعقد من خلال تحملها للأعباء المالية استنادا لنظريتي فعل الأمير والظروف الطارئة.
ج- المنتفع:
يترتب على إدارة المرفق العام بطريقة الامتياز إقامة نوعين من العلاقات بالنسبة للمنتفع:
*_ علاقة المنتفع بالإدارة مانحة الامتياز:حيث يكون للمنتفع حق مطالبة الإدارة بالتدخل لدى الملتزم لإجباره على احترام قواعد ومبادئ المرفق العام حينما يحيد عنها
*_علاقة المنتفع بالملتزم:تجد هده العلاقة أساسها القانوني في الطبيعة القانونية المركبة للالتزام حيث يتكون من نصوص لائحية وأخرى تعاقدية.
3-نهاية الامتياز:
ينتهي الامتياز ب:
ا-الطريقة الاعتيادية:
أي بانتهاء المدة القانونية المتفق عليها بين الإدارة والملتزم لامتياز المرفق العام
ب-الطريقة الغير اعتيادية:
وتكون أما:
*بالإنهاء الإرادي:
أي اتفاق الطرفين على إنهاء الالتزام قبل انقضاء مدته.
*-الإنهاء الإداري:
إنهاء الإدارة للالتزام بإرادتها المنفردة إما،لإخلال الملتزم بالتزاماته إخلالا فادحا أو لان مقتضيات المصلحة العامة أصبحت تقتضي دلك
*-الإنهاء القضائي:
ويكون ادا مالجا احد الطرفين للقضاء لطلب إلغاء الامتياز نظرا لإخلال الطرف الثاني بالتزاماته.
ثالثا :الاستغلال المختلط:
تقوم هده الطريقة في إدارة المرافق العامة الصناعية والتجارية على تظافر الرأسمال العام مع الرأسمال الخاص في إدارة وتسيير المرفق من خلال إحداث جهاز مختلط تحوز فيه الإدارة –عادة-أغلبية الرأسمال لتتمكن من المراقبة والإشراف.
تلجا الإدارة العامة إلى إتباع هده الطريقة في عدة حالات ،منها :
1-حالة إتباع سياسة اقتصادية واجتماعية معينة تستلزم توجيه نشاط اقتصادي معين يتولاه القطاع الخاص ،من خلال تدخلها بموجب حصولها وامتلاكها لجزء من رأس مال الشركات الخاصة بموجب شرائها لأسهم فيها ،أو بقرار إداري ينبني على امتيازات السلطة العامة التي تمليها مقتضيات المصلحة العامة يمكنها من مراقبة النشاط الداخلي أو توجيهه عندما تكون مالكة لأغلبية الأسهم.
2-حالة استعمال هدا الأسلوب من البداية لدى إنشاء الإدارة العامة لهدا النوع من الشركات المختلطة،مع إتاحتها الفرصة والإمكانية للقطاع الخاص بالمساهمة في رأس مالها ،اعتقادا منها أن القطاع الاقتصادي يتطلب إعمال آليات القانون الخاص.
3-الحالة التي يتجلى للإدارة مانحة الامتياز أن الملتزم أصبح غير قادر لوحده على تسيير المرفق العام،اد يمكنها ،بالاتفاق معه،التحول من طريقة الامتياز إلى طريقة الاستغلال
المختلط لتتمكن من دعمه ماليا من جهة،والإشراف عليه من جهة أخرى.