الدرس الثاني: النظام القانوني للمرفق العام:
أولا:إنشاء المرافق العامة وإلغاؤها
ثانيا:المبادئ الأساسية للمرفق العام
أولا: إنشاء وإلغاء المرفق العام:
تختلف الجهة التي تنشئ أو تلغي المرافق العامة الوطنية عن الجهة التي تنشئ وتلغي المرافق العامة المحلية،طبقا لقواعد توزيع الاختصاص الإداري بالدولة:
1-المرافق العامة الوطنية:
تختلف بدورها كيقيات إنشاء وإلغاء المرافق العامة الوطنية باختلاف النظم القانونية السائدة، لدلك سنحاول اخذ نماذج عن إنشاء المرافق العامة الوطنية في كل من:فرنسا-م
*ا- في فرنسا:
*قبل دستور1958:
كان الوضع يقتضي لانتشاء أو إلغاء المرافق العامة الوطنية صدور قانون من السلطة التشريعية كوسيلة لحماية النظام الليبرالي نظرا لتأثير ذلك على حرية الصناعة والتجارة.
*في ظل دستور 1958: إعمالا للمادة 34 منه التي لم تورد المرفق العام كواحد من المسائل التي تستلزم صدور قانون نظرا لارتباطها بالحريات العامة أصبح يقتضي إنشاء أو إلغاء المرفق العام صدور عمل إداري فقط ماعدا حالة فئات المؤسسات.
ب-*في مصر:
إنشاء أو إلغاء المرفق العام من اختصاص السلطة التنفيذية حيث يتم إنشاؤها بموجب قرار إداري جمهوري طبق للمادة 146 من دستور 1972.
ج-*في الجزائر:
لقد مرت مسالة إنشاء المرافق العامة الوطنية بعدة مراحل :
ج-1*المرحلة الأولى قبل 1965:
في هذه المرحلة تباينت وسائل و أدوات إنشاء المرافق العامة الوطنية حيث تم إنشاء:
-بعضها بموجب عمل تشريعي (قانون)مثل:البنك المركزي الجزائري.
-بعضها الآخر بموجب عمل إداري مثل :الهيئة الوطنية للقوى العاملة.
ج-2*المرحلة الثانية :في ظل الأمر رقم 31 ديسمبر 1965(قانون المالية):
بموجب المادة 6 مكرر كان يتم إنشاء المرافق العامة على اختلافها بموجب عمل له قوة التشريع (الأمر الصادر عن رئيس مجلس الثورة) إلا أن الممارسة العملية قصرت هذه الأداة القانونية أي الأمر على تنظيم قطاعات أو فئات المؤسسات أما إنشاء أي مؤسسة عامة وطنية فقد كان يتم بموجب عمل إداري (مرسوم) كما أن الرجوع للمادة5من الأمر 71-74 المؤرخ في 16 نوفمبر 1971 المتعلق بالتسيير الاشتراكي للمؤسسات نجدها تشترط لإنشاء المؤسسات الاشتراكية الوطنية (صدور قانون)
ج-3*المرحلة الثالثة :دستور 1976:
بناء على أحكام دستور 1976 و في ظل الاختيار الاشتراكي أصبح إنشاء المؤسسات الوطنية من صلاحيات الإدارة المركزية إذ أن أحكام المادة 151 المتعلقة باختصاصات المجلس الشعبي الوطني لا تشتمل على الاختصاص التشريعي بإنشاء المرافق العامة أو المؤسسات الوطنية.
وبذلك فان إنشاء المرافق العامة الوطنية كان يتم بموجب مرسوم صادر عن رئيس الجمهورية من خلال ممارسته لسلطة التنظيمية المخولة له بموجب المادة 115من الدستور.
ج-4*المرحلة الرابعة :
على غرار الدستور السابق فان دستور 1989 لم يجعل إنشاء المرافق العامة الوطنية من اختصاص القانون حيث لم تنص المادة 122 من الدستور على ذلك لكن بعد التعديل الدستوري 1996 أصبح البرلمان يشرع بموجب الفقرة 29 من المادة 122 من الدستور على صلاحية فئات المؤسسات.
وبناءا عليه فان إنشاء المرافق العامة الوطنية يبقى أصلا من اختصاص التنظيم بموجب إصدار مراسيم رئاسية أو تنفيذية ماعدا مجال فئات المؤسسات و هو الوضع الذي لا يبتعد كثيرا عما هو سائد في فرنسا.
ثانيا:المرافق العامة المحلية:
بالعودة لقانون الإدارة المحلية فان اختصاص إنشاء المرافق العامة المحلية يعود لكل من الولاية و البلدية.
فالولاية مثلا يكون لها صلاحية إنشاء مصالح عمومية ولائية قصد تلبية الاحتياجات العامة للمواطنين خاصة ميادين الطرقات والشبكات المختلفة –مساعدة المسنين والمعوقين-النقل العمومي-حفظ الصحة ومراقبة النوعية
أما البلدية فيمكنها هي الأخرى إنشاء مصالح عمومية بلدية في مجال المياه الصالحة للشرب والتنظيف والمياه القدرة-القمامات المنزلية –التوقف مقابل رسم.....
يشترط لصحة قرار إنشاء المرافق العامة البلدية إجراء مداولة من طرف المجلس الشعبي البلدي على ان يتم التصديق الصريح عليها من قبل الوالي أما المصالح العمومية الولائية فإنشاؤها يتم وفق شروط تحدد عن طريق التنظيم خاصة من حيث مصادقة الجهة الوصية ويستلزم لصحته توافر إجراء جوهري فيه هو مداولة من المجلس الشعبي الولائي
ثانيا:المبادئ الأساسية للمرفق العام:
تتمثل المبادئ الأساسية للمرفق العام في مايلي:
*مبدأ المساواة أمام المرفق العام
*مبدأ سير المرفق العام بانتظام واطراد
*مبدأ القابلية للتغير والتطور
1ا-مبدأ مساواة المنتفعين أمام المرفق العام:
تلتزم المرافق العامة باعتبارها تهدف لتحقيق المصلحة العامة بتقديم خدماتها العامة للجميع على قدم المساواة تجسيدا لمبدأ المساواة أمام القانون الذي مافتئت المواثيق والدساتير المختلفة تنص عليه كما هو وارد في نص المادة 29 من الدستور الجزائري 1996 التي جاء فيها:"كل المواطنين سواسية أمام القانون"
ولعل أهم تطبيقات مبدأ المساواة أمام المرفق العام تتمثل في:
-مساواة المنتفعين أمام المرفق العام
-المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة
-حياد المرفق العام
ا-*مساواة المنتفعين امام المرفق العام:
يحب على المرفق العام تقديم خدماته لجميع الأفراد دون تمييز,وحتى ماتفرضه الإدارة العامة من واجبات والتزامات على الأفراد يجب أن يكون بصورة متساوية لاتمييز فيها حيث نصت المادة 64/1 من الدستور على مايلي:"كل المواطنين متساوون في أداء الضريبة"
ومع دلك فان إعمال مبدأ مساواة المنتفعين أمام المرفق العام ليس مطلقا اد يشترط تماثل المراكز من حيث تشابه وتعادل أوضاعهم مثلا :الالتحاق بالجامعة ليس متاحا إلا للحاصلين عل شهادة البكالوريا
اب-*المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة:
تنص المادة51 من الدستور على مايلي:يتساوى جميع المواطنين في تقلد المهام والوظائف في الدولة دون أية شروط أخرى غير الشروط التي يحددها القانون.
وهو ماتنص عليه ايضا النصوص القانونية للوظيف العمومي التي تؤكد على الضمانات الكفيلة باحترام وتطبيق المساواة في الالتحاق بالوظائف العامة من خلال إلزام المرافق العامة لدى لجوئها للتوظيف بوضع شروط موضوعية تتوفر في جميع المترشحين والتقيد بإجراءات وكيفيات التوظيف المحددة قانونا.
ج-*حياد المرفق العام:
يقصد به مراعاة المرفق العام في أداء مهامه وتسييره لمقتضيات تحقيق المصلحة العامة حيث يجب على مسير المرفق أن لايستعمله لدعم مصالح معينة على حساب أخرى كما يمتنع القائمون على سير المرفق العام عن القيام بأي تصرف ينم عن موقف أو انتماء سياسي او أيديولوجي معين
2-مبدأ استمرارية المرفق العام:
يجب على المرافق العامة أن تؤدي خدماتها بانتظام واطراد تلبية للاحتياجات العامة القائمة والدائمة.و من اجل ضمان تطبيق هدا المبدأ ينص القانون على مجموعة من القواعد تسري نحو: الادارة ،الموظفين،الأموال ،المتعاقدين مع الإدارة.
ا-*بالنسبة للإدارة:
يقع على جميع المسؤولين وفي كل المستويات الإدارية الالتزام و التكفل بإدارة وتسيير المرفق العام بطريقة سليمة دائمة مثل:التقيد بمواقيت العمل ،توفير الوسائل الكفيلة بسير المرفق بانتظام.
وفي كل الحالات (ما عدا حالة القوة القاهرة) يترتب على الإخلال بمبدأ استمرارية المرفق العام من طرف الإدارة تحمل المسؤولية عما ينجم عن دلك من أضرار بالنسبة للمنتفعين خاصة.
ب-* بالنسبة للموظف :
ضمانا لا ستمرارية المرفق العام نص المشرع على بعض الا لتزامات التي يجب على الموظف التقيد بها نذكر منها:
*-تقييد حق الإضراب:
لقد أصبح الإضراب حقا مشروعا مبدئيا ف ظل دستور 1989بموجب المادة 57 منه لكن هدا الحق تم تقييده بشروط وضعها القانون 90/11المؤرخ في6/2/1990 المتعلق بالوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وممارسة حق الإضراب على رأس هده الشروط الالتزام بتقديم ما يسمى:بالحد الأدنى من الخدمة، وكدا منع اللجوء للاضراب على فئات معينة من الموظفين نظرا لأهمية دورهم في استمرارية الحياة العامة وهم: القضاة،الموظفون المعينون بمرسوم،أعوان مصالح الأمن،الأعوان الميدانيين لمصالح الحماية المدنية و الجمارك،العاملين بالمصالح الخارجية لإدارة السجون.
*تنظيم الاستقالة
سعيا لضمان استمرارية المرفق العام نص قانون الوظيف العمومي على مجموعة من القيود تنظم الاستقالة تتمثل في:
-تقديم طلب الاستقالة في شكل كتابي للسلطة صاحبة التعيين
-بقاء الموظف ملزما بتأدية الواجبات المرتبطة بمهامه حتى صدور قبول الاستقالة خلال مدة 3 أشهر يمكن تمديدها لفترة إضافية أقصاها 6 أشهر
-اعتبار الموظف عن الخدمة فجأة وبدون مراعاة الإجراءات القانونية المحددة خطا مهنيا جسيما(إهمال المنصب)
كذلك يعاقب قانون العقوبات الموظفين الدين يقررون بعد التشاور فيما بينهم تقديم استقالتهم بغرض وقف سير أي مرفق عام.
*الاعتداد بنظرية الموظف الفعلي:
الموظف الفعلي هو:الشخص الذي يكون قرار تعيينه باطلا أو لم يصدر تعيينه أصلا لكن مع دلك يعتد بالعمل أو القرار الصادر عنه باعتباره سليما قانونيا ومنتجا لاثاره ودلك لاعتبارين:
الظاهر:حماية لمصلحة الإفراد مادام الحال لايسمح لهم بادراك بطلان قرار تعيينه
الضرورة:يتم تسويغ القرارات الإدارية الصادرة عن الموظف الفعلي في حالة الضرورة ضمانا لاستمرارية المرفق العام
ج-*الأموال:
ضمانا لاستمرارية المرفق العام أضفى القانون عل أموال وأملاك المرفق العام حماية مدنية وجنائية فالقانون المدني يمنع التصرف في أموال الدولة أو حجزها اوتملكها بالتقادم أما قانون العقوبات شدد العقوبات عن كل مساس بأموال وأملاك المرافق العامة ،إما الأملاك الخاصة فسمح القانون بنزعها الاستيلاء عليها مؤقتا بشروط معينة (راجع المواد 677 الى681 مكرر3)
د-*بالنسبة للمتعامل المتعاقد:
للمتعامل المتعاقد الحق في التوازن المالي للعقد فادا ما طرأت حوادث استثنائية غير متوقعة أثناء تنفيذ العقد جعلت من تنفيذه مرهقا للمتعامل المتعاقد مع الإدارة كان له طلب الدعم المالي من الإدارة المتعاقدة لإعادة التوازن المالي للعقد .
والحقيقة أن الحفاظ على التوازن المالي للعقد إنما يستند في جوهره لمبدأ الاستمرارية ودلك بإعمال نظرية فعل الأمير او نظرية الظروف الطارئة
ثالثا: مبدأ التكيف:
لما كان وجود المرفق العام يكمن في تلبية الاحتياجات العامة وهي احتياجات متجددة ومتغيرة باستمرار بطبيعتها فان الأمر يقتضي بضرورة تغير وتعديل قواعد وطرق عمل المرفق العام تماشيا وتناغما مع تلك التطورات إعمالا لمبدأ القابلية للتغير، ولدلك تتمتع المرافق العامة بالعديد من السلطات تجاه:1- موظفيها –2المتعاقدين معها
1-بالنسبة لسلطة الإدارة تجاه موظفيها:
فانه وضمانا لمبدأ التكيف ،يتم وضع الموظفين بالمرفق في مركز لائحي تنظيمي بحيث يمكن للإدارة تعديل مراكزهم القانونية بإرادتها المنفردة بما يتوافق وتطوير الأجهزة والهيئات الإدارية لمواجهة ما يطرأ على الاحتياجات العامة في كافة المجالات
2-بالنسبة للمتعاقدين:
فيمكن للإدارة المتعاقدة إدخال التغيرات اللازمة على عقودها الإدارية لتتكيف مع الأوضاع المستجدة خلافا للوضع بالنسبة للعقود الخاصة التي تحكمها قاعدة:العقد شريعة المتعاقدين
ومن هنا يمكن للإدارة تعديل العقد الإداري بإرادتها المنفردة خاصة من خلال آلية (الملحق).
0 النعليقات:
إرسال تعليق
نرجوا التفعال مع المواضيع ولو بكلمة واحدة شكرا فمن لا يشكر الناس لا يشكر الله ..و والله ليس حبا فى الشكر ولكن من اجل ان ينتفع عدد اكبر من الناس من المواضيع وذالك بجعلها فى مقدمة نتائج البحث شاركنا الاجر والثوواب